Talimul Müteallim Tariket Teallüm / تعليمُ المتعلِّمُ طريقَ التَّعلُّمِ

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّح۪يمِ

مقدِّمة المحقِّق

الحمدللّٰه ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على سيِّدنا ونبـيِّنا محمَّد وعلى آله وأصحابه أجمعين إلى يوم الدين.

تشتمل هذه المجموعةُ على خمس رسائل:

أوّلُها: «تعليمُ المتعلِّمِ طريقَ التَّعلُّمِ»، للعالمِ الشَّهيرِ، والفقيهِ الكبيرِ، الإمامِ برهانِ الدّينِ الزَّرنوجي رحمهُ اللّٰه تعالى، المتوَفَّى سنةَ (593 هـ). تُعَدُّ هذه الرِّسالةُ من أهمِّ وأقدمِ ما أُلِّفَ في أهمِّيّة العلم والتّربية الإسلاميِّة، وتعد أيضًا من أوائلِ مَا كُـتِبَ في طرائقِ التدريس ومناهجه؛ تتحدث عن التعليم، وآدابه، وأساليبه.

وثانيها: «أيُّها الولد» الرِّسالة المشهورة عالَمِيًّا لحُجَّةِ الإسلام الإمامِ الغزالي رحمه اللّٰه تعالى، المتوفَّى سنةَ (505هـ). تبحثهذه الرسالة عن النَّصيحة وأهمِّيتها وكيف تكون، وما هي الأعمال الصالحة والطالحة، وأمثلة ذلك، وما هو العمل المُقَرِّب إلى اللّٰهِ تعالى، وأهمِّيَّة العمل للآخرة، وكيف تكون نيَّةُ التَّعلُّم والعلم النَّافع، وأنَّه لا بدَّ أن يكون العلم مقرونًا بالعمل، وأنَّ قيمةَ العلم في الطَّاعةِ والعبادةِ، وغيرها من النّصائح النّافعة.

وثالثُها: «نصيحة الإخوان ومرشد الخِلَّان» المنظومةُ المشهورة بـ«اللَّامية» للإمام ابن الورديّ رحمهاللّٰه تعالى المتوفَّى سنةَ (749هـ). تُعَدُّ هذه المنظومة من أجَلِّ وأعْظَم ما قيل في مجال النَّصيحة وإرشاد النَّاس إلى ما ينفعهم في الدُّنيا والآخرة، وهي قصيدة غَزيرَة المعاني مُحْكَمة المَبَاني، ذات أسلوب جميل، وبهاءِ أَخَّاذٍ، حتَّى صار بعض أبياتها حِكَمًا تَــتَـرَدَّد ويُسْتَـشْهَدُ بها في مجالس العلم والإرشاد.

ورابعها: «بداية الهداية»الرسالة الَّتي ذاع صِيتُها، وعمَّ نفعها، وشاعت بركتها، وتَلَقَّفها العامَّة والخاصَّة على حدٍّ سواء، وهي للإمام الغزالي ـ رحمة اللّٰه تعالى عليه ـ أيضًا. اعتنى بها كثير من علماء الأُمَّة شرحاً وتدريساً، وجعلوها منارة هدايةٍ تُرشِدُ السبيل. إن هذه الرسالة المباركة ـ مع صِغَر حجمها ـ تُعَدُّ من أهم مفاتيح الوصول التي تنبغي لطلَّاب الهداية في مَرْحَلَتَيِ البداية والنهاية، فهي بحقٍّ تُنِير الطَّريقَ أمام السَّالكين، وتوجِّهُ المبتدئين إلى اقتفاء مَنْهج المخلصين، وتَشْحَذُ هِمَم المُتَـقاعِسين عن مراتب الصَّادقين، بأُسلوبٍ جذَّاب رَصِين.

وقد جعلها الإمام ـ رحمه  اللّٰه ـ ثلاثة أقسام:

الأوَّل: في ذكر الطَّاعات وآدابها.

والثَّاني: في اجتناب المعاصي.

والثَّالث: في آداب الصُّحبة والمعاشرة.

وخامسها: «الحكم العطائية»للشيخ أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الرحمن بن عيسى بن عطاء اللّٰه السكندري ـ رحمة اللّٰه تعالى عليه ـ المتوفى سنة 709 هـ في القاهرة.

والحكم العطائية هذه؛ مجموعة من أقوال جليلة من الكلام البليغ، الجامع لأوسع المعاني بأقلِّ العبارات، في تحرُّر الإنسان من حظوظ النفس والهوى، والترقِّي به إلى سدَّة الصدق والصفاء، وتمام الرضا عن اللّٰه تعالى جلَّ جلاله، وكمال الثقة به، والتوكُّل عليه. وهي حقيقة جمل بليغة جدًّا، تأخذ بمجامع القلوب، وتؤثِّر في النفوس تأثيرًا شديدًا. ولأجل هذا انتشرت ـ مع أنها كُـتَيِّبٌ صغير ـ في العالم الإسلامي انتشارًا كبيرًا، وتداولها أهل العلم بالشرح والتعليق على مَرِّ العصور، وشهدوا ما شهدوا من نفحاتها المباركة، وتقبَّلتها العقول والنفوس بقبول حسن. وهي كلُّها مستخلصة من كتاب اللّٰه الحكيم أو من سنة رسول اللّٰه الكريم صلى اللّٰه عليه وسلم.

وهي تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: في التوحيد وحماية المسلم من جميع أنواع الشرك.

والقسم الثاني: في الأخلاق الإسلامية وتزكية الأنفس.

والقسم الثالث:  في السير والسلوك إلى اللّٰه سبحانه وتعالى.

وسادسها: «لَفْـتَـةُ الْكَبَد إِلى نَصِيحَةِ الْوَلَد»للعالم النحرير والفقيهِ الكبيرِ،الإمام أبي الفرج عبد الرحمن ابن الجوزي  رحمهُ اللّٰه تعالى، المتوَفَّى سنةَ597 هـ.

تُعَدُّ هذه الرِّسالةُ من أهمِّ الرسائل المكتوبة في الموضوع، فهي رسالة أبوية من أب عالم صالح نَصوح لابنه وفِلْذة كبده، يحثُّه فيها على طلب العلم وامتثال أوامر اللّٰه والانتهاء عن نواهيه.

وسابعها: «آدابُ العَالِم وَالمُتَعَلِّم» المقتبسة من مقدِّمة كتاب المجموع، لشيخ الإسلام، الإمام، العالم، الفاضل، الصالح،  المحدث، الحافظ، الفقيه: محيي الدين أبي زكريا يحيى بن شرف النووي رحمه اللّٰه تعالى، المتوَفَّى سنةَ 676 هـ.

وقد ذكر الإمام رحمه اللّٰه تعالى في هذه المقدِّمة أهميةَ الإخلاص، وفضيلةَ الاشتغال بالعلم، وتصنيفِه، وتعلُّمِه، وتعليمِه، وأقسامَ العلم الشرعيِّ، وآدابَ العالم والمتعلِّم، وآدابَ الفتوى والمفتي والمستفتي، وأقسامَ المفتين.

فأحببت أن أطبع هذه المجموعةَ المُهِمَّةَ المباركة، ولكن أردت أن أخدمها وأحقِّقها، لكي يسهل فهمُها ويكـثُر نفعُها للمبتدِئين وطلَّابِ اللُّغة العربيَّة والعلوم الإسلامية.

يمكنني أن ألخِّص عملي وخدمتي للمجموعة كما يلي:

1- أضَفت إليها تحت الخط حَواشِيَ نافعةً من كتب العلماء الأعلام والأساتذة الكرام نفعنا اللّٰهبعلومهم.

2- قرأت الرَّسائل كلَّها بدِقَّة من البداية إلى النِّهاية، وفي أثناء هذه القراءةِ صحَّحت الأخطاء الموجودة في الطَّبعات الأخرى ما استطعت.

3- خرَّجت الآياتِ الكريمة ووَضعتها بين القوسين، لأنَّها كانت غير مخرَّجة.

4- كـتـبتُ وضبطتُ الآيات الكريمة، مطابقة للمُصحف المتداول والرَّسمي في تركيا، الَّذي كتبه الخطَّاط الشَّهير الحافظ عثمان قايِشْزاده رحمه اللّٰه تعالى.

5- أضفت إليها عناوين المباحث.

6- هيَّـأتُ لكلِّ رسالة فهرسًا، لكي يسهل على الدارسين والقارئين الوصول إلى أبوابها.

أحمدُ اللّٰه تعالى وأشكره على إتمام هذه الخدمة المتواضعة، وأرجو منه عزَّ وجلَّ أن يوفِّقنا لخدمات مباركة كـثيرة للدِّين المبين والعلم الشَّريف في الأيَّام الآتية، واللّٰه الموفِّق.

محمد جان السپـيڤياني [1]

إسطنبول ـ ربيع الأول ـ 1436هـ