الطهارة والعبادات
أنا طالب في الثانوية، وقد أضطر أحياناً للإمساك بالمصحف أو قراءة آية كريمة وأنا على غير طهارة، فهل يجوز ذلك؟
لا يجوز مسّ القرآن وحمله للمحدث أي لغير المتوضئ، وحاجتك إلى قراءة شيء من القرآن لا تشكل ضرورة كما تقول.. الضرورة هي أن تجد القرآن ملقى على الأرض فتضطر إلى رفعه ووضعه في مكان لائق، وفي هذه الحالة وأمثالها يجوز حمله مع الحدث للضرورة، أما حفظ القرآن أو آيات منه دون حاجة إلى حمل مصحف فيجوز للمحدث ولا يجوز للجنب والحائض.
هل يجوز أن أصلي والمكياج على وجهي؟
المعروف أن المكياج لا يشكل طبقة عازلة تمنع وصول الماء إلى البشرة، ومن ثمّ فلا مانع من وجود المكياج على الوجه أثناء الصلاة وبعد الوضوء.. ولكن إن علمت أن المكياج الذي تستعملينه يشكّل طبقة عازلة فلابدّ من إزالته ليصح الوضوء، ولتصح الصلاة من بعده.
تسأل عن الوضوء عند السنة والشيعة وسبب الخلاف حول هذا الموضوع؟
تفسير قول الله تعالى: ، وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، [المائدة: 5/6] داخل في نطاق الاجتهاد، فجمهور علماء المسلمين يقولون: إن ((أرجلكم)) معطوفة على أيديكم وليس على ((رؤوسكم)) بدليل القراءة السبعية المشهورة، ((وأرجُلكم)) بفتح اللام لا بكسرها. وما دامت اليدان مغسولتين فالرجلان المعطوفان عليهما مغسولان مثلهما. والشيعة يقولون: إن ((وأرجلكم)) معطوفة على الرؤوس. ولعلهم يقرؤون ((وأرجُلِكُم)) بالكسر. وللجمهور أدلة أخرى على ما ذهبوا إليه، وللشيعة أدلة أخرى أيضاً. والمسألة كما قلت اجتهادية، وليت أن هذه المسألة كانت أهم وأخطر خلافات هذه الأمة التي كانت إلى الأمس الدابر أمة واحدة، ثم غدت اليوم فئات متخاصمة ينهش بعضها بعضاً.
أواظب على الصلاة منذ سبع سنين، ولكن منذ فترة وجيزة لم أعد أشعر بالخشوع [لذة] أثناء الصلاة الذي كنت أشعر به سابقاً، فما السبب في ذلك؟
لو كان كل المصلين الذين لا يجدون لذّة في صلاتهم، يعرضون عنها لهذا السبب، إذن لفرغت المساجد تقريباً من المصلين. من قال إن الشعور باللذة في الصلاة شرط لصحتها، حتى تعزم على تركها لأنك لا تشعر بهذه اللذة؟.. ثابر على صلاتك، واصبر على ثقلها، ولا تطع الشيطان في سخريته منك وتلاعبه بك، وستشعر باللذة بعد الثبات على هذا الصبر.
ألاحظ بعد الاستحمام خروج سائل مخاطي أبيض مائل إلى الاصفرار، هل يستدعي ذلك إعادة الغسل؟
ينبغي ألا تغتسلي للطهارة من الحيض، إلا بعد أن تتأكدي من أنّ أيّ سائل لا يخرج إلاّ ناصع البياض.. وأي اغتسال يعقبه سائل ملون يعدّ غسلاً باطلاً والصلاة التي تؤدى على أساسه تكون باطلة.
هل تجوز الصلاة في الكنيسة أو في أي معبد آخر؟
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ((أُعطيت خمساً لم يُعطهنّ أحد من قبلي..)) وذكر رسول الله منها قوله: ((وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً فأينما أدركتني الصلاة صليت)). وعليه، فإن صلاة المسلم في الكنيسة أو أي من المعابد الأخرى صحيحة، بشرط أن يكون المكان الذي يصلي عليه طاهراً.
هل تجوز الصلاة عن والدتي المتوفاة، هل يصل ثواب ذلك إليها؟
لم يثبت في القرآن ولا السنة أن صلاة الإنسان تجزئ عن غيره، سواء كان (الغير) حياً أو ميتاً، وإنما رخّص رسول الله في أن يحج القريب عن قريبه الميت. ولا يجوز قياس الصلاة على الحج إذ لا يشرع القياس في العبادات.
وكتاب (فقه السنة) مليء بالشذوذات والآراء التي يخالف فيها مؤلفه جماهير العلماء الموثوق بهم، ولا أنصح أحداً باعتماده أو الرجوع إليه.
أما الدعاء الذي أشرت إليه، فلا أصل له في المأثور عن رسول الله، وأنصحك أن تتبع في دعائك ما هو وارد عن رسول الله، وألا تبتدع ما لا أصل له.
يسأل عما إذا كان يحق للمسلم إذا أفاق من نومه متأخراً أن يصلي الفجر، قبل التطهر؟
من المعلوم بداهة لكل مسلم أن الصلاة لا تصح إلا بعد التطهّر من الجنابة. ومن الحدث عند فقد الوضوء.. إذن فيجب على من استيقظ لصلاة الصبح أن يتطهر قبل كل شيء من الحدث ومن الجنابة إن كان جنباً، ثم يصلي بعد ذلك وهو طاهر، سواء أراد أن يصلي في المسجد أم في البيت.
خروج السائل المنوي بدون شهوة أو تفكير أثناء الصلاة، هل يبطل الصلاة؟
هذا الذي تشعر بخروجه منك أثناء الصلاة ليس منياً كما تتصور، وإنما هو مذيّ أو دويّ. أولهما يخرج عقب الشعور بهيجان غريزي.. ثانيهما يخرج عقب جهد جسمي.. وكلاهما يسبب انتقاض الوضوء الذي يسبب بدوره بطلان الصلاة وضرورة تجديد الوضوء. ادرس أبواب الطهارة في الفقه الإسلامي لتستغني بذلك عن مثل هذا السؤال، ولتتمتع بثقافة جنسية تحت مظلة من الالتزام والتربية الإسلامية.
هل أستطيع بالمال الذي يعطيني إياه أهلي دفع الزكاة عن الذهب الذي عندي؟
حلّي المرأة لا زكاة فيه في مذهب الإمام الشافعي، إن كانت كميته لاتتجاوز المألوف والمعروف في بلدة المرأة صاحبة الحلي، وتجب الزكاة عنه في مذهب الحنفية، فالمسألة اجتهادية، وبوسعك أن تأخذي بأي من المذهبين.
....
....
....
مقدمة الجزء الثاني
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه.
وبعد: فإنه لم يكن في الحسبان، عندما أصدرت كتابي (مع الناس، فتاوى ومشورات) أنه سيصبح الجزء الأول، وأني سأتبعه بجزئه الثاني. إذ لم أكن أتوقع استمرار باب الفتاوى في مجلة (طبيبك) التي يديرها صديقنا الأستاذ الدكتور سامي القباني.
ولكن شاء الله أن يستمر هذا الباب، وأن تتوارد الأسئلة والاستشارات إليه، فكان فيما ارتآه كل من الأستاذ الدكتور سامي القباني، والأستاذ عدنان سالم مدير مؤسسة دار الفكر، أن تجمع حصيلة الأجوبة عن الأسئلة والاستشارات، وأن يصدر منها ما يكون الجزء الثاني من كتاب (مع الناس).
وريثما يكرم الله أمتنا الإسلامية بمرجعية تتمتع بكل من الثقة اللازمة والسلطة الحاكمة، في شؤون الإسلام ومعرفة أحكامه، بحيث تجمع شتات الفكر الإسلامي والاجتهادات الإسلامية، وتصدّ الجاهلين والعابثين عن التسلّي بحقائق الإسلام والتلاعب بمبادئه وأحكامه، أقول: ريثما يكرم الله أمتنا الإسلامية بهذه المرجعية، لا مناص لنا من فتح أبواب هذه الحوارات الدائرة بين السائل المتحرق لمعرفة دينه والعالم البصير بأحكام ربّه الأمين على إبلاغها للناس دون عبث بها ولا تغيير لها.
والله هو المستعان - في كل الأحوال - أن يحمي دينه هذا من كيد الكائدين، وعبث العابثين، ورغائب المتسلّين والطامعين.
* * *