Eserul Hadisul Şerif Fi İhtilafil Eimmetil Fukaha ve yeliyhi Edebul İhtilaf Fi Mesailul İlmi ved Din / أثر الحديث الشريف في اختلاف الأئمة الفقهاء ويليه أدب الاختلاف في مسائل العلم والدين
أثر الحديث الشريف في اختلاف الأئمة الفقهاء
ويليه أدب الاختلاف في مسائل العلم والدين
نواة هذا الكتاب محاضرة ألقاها المؤلف في جامع الروضة بحلب الشهباء ، سنة ( 1398 هـ ) ، وقد رغب كثير من الإخوة بطباعتها ؛ لنفاستها وغزارة ما فيها ، فاستجابةً لذلك قام المؤلف بنشر هذه الدرة الثمينة ، التي يحتاجها كل طالب علم بل وكل غيور على دينه .
إن هذا الكتاب هو جسرٌ بين علمي الرواية والدراية : رواية الحديث وفقهه ، هذا الكتاب يوقف المسلم على براعة أئمة الإسلام في طرق استنباطهم لأحكام هذا الدين الحنيف ، ويوقفه أيضاً على ما بذلوه من جهد عظيم في هذا الاستنباط ، وعندها تخيم السكينة والطمأنينة إلى أئمة الدين الذين استنبطوا لنا هذه الأحكام .
وعندما يطلع المسلم على أسباب الاختلاف ، وأن كل واحد منهم طالب حق ، وأن سبب اختلافهم هو الدليل الذي بين أيديهم ، فلا عصبية ولا أنانية ولا تكابر . . عندها تطمئن النفوس لهؤلاء الأعلام ، هذا الموضوع هو مدخل إلى زاويةٍ من زوايا الاجتهاد .
ولصعوبة هذا الموضوع وتشعبه لزم تحديد جانب من جوانبه ؛ وهو أثر الحديث في اختلاف الأئمة الفقهاء ، فعرض المؤلف في مقدمة الكتاب منزلة الحديث الشريف في نفوس الأئمة رضي الله عنهم ومكانته .
ثم عرض المؤلف أربعة أسباب مفصَّلة : الأول : متى يصلح الحديث الشريف للعمل به ؟ والثاني : اختلاف الأئمة في فهم الحديث الشريف ، والثالث : اختلاف مسالكهم بين المتعارض من السنة ظاهراً ، الرابع : اختلافهم لتفاوتهم في سعة الاطلاع على السنة .
في هذه المباحث أجوبة لأسئلة كثيرة ، وإيضاح لقضايا مهمة ، وقع فيها الخلط والتشويه ، فأتى خلال هذه الأسباب بشبهاتٍ تعرض لكثيرٍ من الناس ، ويضطربون في فهمها وفي الجواب عنها ، فأزال عمايتها وجلاها لطالبيها .
وزبدة القول والخلاصة فيه : أن هؤلاء الأئمة لهم طرق حديثية معلومة عندهم ، وربما لم يصرحوا بها ولم يذكروها ، فيظن من لا دراية له أنهم مخطئون أو جاهلون على حد قول المتنبي رحمه الله تعالى :
وكم من عائب قولاً صحيحاً
وآفته من الفهم السقيم
وهذا من أهم الجوانب في هذا الكتاب .
أدب الاختلاف
في مسائل العلم والدين
عنوان يشد قارئه ليسبر غور الكتاب ويأخذ الدرة اليتيمة ، عنوان ينم لك عن مضمون الكتاب ، ولا تملك نفسك إلا بقراءة الكتاب من ألفه إلى يائه ، ولا سيما ونحن في عصرٍ تفاقم فيه الاختلاف تفاقماً كبيراً جداً ، نتج عنه انحراف متفاقم عن الخط الأدبي اللازم لطالب العلم أن يتحلَّى به ؛ لئلا ينقلب الاختلاف إلى خلاف وشقاق .
لقد استلَّ المؤلف حفظه الله تعالى يراعته ـ كالطبيب يستل مبضعه ليعالج مبتلىً ـ فأعملها وسطرت كلمات نسأل الله أن تكون له ذخراً في آخرته ، وأن تكون الترياق لكثير ممن حادوا عن الطريق المستقيم ، وأن يكون هذا الكتاب شمساً تنير حِنْدس الظلام الذي خيَّم ؛ فيوضح الدرب للسائرين ، بنماذج من اختلاف العلماء السابقين ، أئمة الدين رضي الله عنهم أجمعين .
فاستفتح الكتاب بذكر وبيان معنى الاختلاف ، والفرق بينه وبين الخلاف ، وأسباب الاختلاف ومجالاته ، وحكم الاختلاف في الفروع ، وشروط الاختلاف المشروع .
وأما الجانب الثاني من جوانب الكتاب . . فهو الأدب ؛ اشتقاقه ومعناه ، وحاجة المجتمع إليه ، وخاصة عند الاختلاف .
حكى الحافظ الذهبي عن يونس بن عبد الأعلى قال : ما رأيت أعقل من الشافعي ؛ ناظرته يوماً في مسألة ثم افترقنا ، ولقيني فأخذ بيدي ثم قال : ( يا موسى ؛ ألا يستقيم أن نكون إخواناً وإن لم نتفق في مسألة !! ) فقال الحافظ الذهبي مُعقِّباً : ( هذا يدل على عقل هذا الإمام وفقه نفسه ؛ فما زال النظراء يختلفون ) .
ثم ردَّ المؤلف ـ حفظه الله تعالى ـ على بعض شبهاتٍ تَرِد ضمن ما نحن بصدده ، فاستوعبها بحثاً ، وأيَّد ذلك بالأمثلة المفيدة .
ثم ختم المؤلف الكتاب بمبحثٍ سماه : قوارب النجاة وسبل الخلاص من الواقع المؤلم ، وههنا بيت القصيد ؛ فسبيل خلاصنا مما نحن فيه كلمة واحدة : العودة بنا إلى ما كان عليه سلفنا الصالح في العلم والعمل .
ولو أن أهل العلم صانوه صانهم
ولو عظَّموه في النفوس لعَظَّما
والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات |